أثر إدخال البقوليات العلفية في النظم الزراعية للمنطقة الشمالية الشرقية من سورية في ظروف الزراعة المطرية

الطالب :عبد الله اليوسـف/الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية-مركز بحوث حلب
كلية الزراعة – جامعة حلب
2005

الملخص

تعتبر الزراعة المطرية الأسلوب الشائع في دول غرب آسيا وشمال أفريقيا حيث ترتبط مع نظام هطول مطري شتوي غير منتظم، محدود الكمية في الغالب. ونتيجة لذلك فإن قطاع الزراعة المطرية يساهم بشكل رئيس في الاقتصاد والاستراتيجية الوطنية بهدف الاكتفاء الذاتي من الغذاء.  تتميز الزراعة في المناطق المطرية بتدني إنتاجها حتى في السنوات المطيرة نسبياً مقارنة بالزراعة المروية، ويعزى ذلك إلى انخفاض التكثيف الزراعي نتيجة عدم استغلال كامل المساحة القابلة للزراعة بسبب التبوير الذي ما زال شائعاً في هذه المناطق (منطقتي الاستقرار الثانية والثالثة)، هذا من جهة وإلى تدني إنتاج وحدة المساحة من جهة أخرى.  إن تدني إنتاج وحدة المساحة يرجع إلى جملة من المعوقات الطبيعية (تذبذب الهطولات المطرية) والتقنية والاجتماعية (ثقافة المزارع وعاداته). ويأتي في مقدمة المعوقات التقنية، اتباع أنظمة زراعية غير مناسبة كزراعة القمح أو الشعير بشكل مستمر وتعاقب محصولي لا يسمح بصيانة التربة كمصدر طبيعي خصوصاً من حيث المحافظة على خصوبتها ومنع تدهور خصائصها الفيزيائية والحد من انجرافها.
لقدهدف هذا البحث إلى: تحديد الدورة الزراعية المناسبة لمنطقة الدراسة، والمحافظة على خصوبة التربة من خلال إدخال زراعة البقوليات ضمن الدورة الزراعية، وتحقيق التكامل ما بين الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني من حيث الحصول على الأعلاف ذات النوعية الجيدة وتخفيف الضغط على المراعي وتوفير العلف الأخضر، وزيادة دخل المزارعين وإلغاء نظام تبوير الأرض ولفت الانتباه لأهمية الدورة الزراعية كنظام زراعي متعدد الأغراض، التقييم الاقتصادي للدورات الزراعية المدروسة.
نفذ البحث بالتعاون بين كلية الزراعة – جامعة حلب والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا) والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية وذلك خلال الفترة من 1995 ولغاية 2002، بواقع أربع دورات زمنية Cycle: الدورة الزمنية الأولى عامي 1995 و1996، و الدورة الزمنية الثانية عامي 1997 و1998، و الدورة الزمنية الثالثة عامي 1999 و2000، والدورة الزمنية الرابعة عامي 2001 و2002.  زرعت التجارب في محطة بحوث هيمو التابعة لمركز البحوث العلمية الزراعية بالقامشلي والواقعة غرب مدينة القامشلي شمال شرق سوريا على خط عرض 37˚ 03′ شمالاً وخط طول 41˚ 13′ شرقاً، في منطقة الاستقرار الأولى بمعدل هطول مطري سنوي 425 مم / سنة مع توزع جيد للأمطار على مدار موسم النمو.  وقد اختيرت منطقة القامشلي، كونها تمثل منطقة الاستقرار الأولى في محافظـة الحسكـة التي تنتج أكثر من 50 % من مـحاصيل الحبوب في سورية (Malki, et al. 1991).  تضمن البحث مقارنة إنتاجية القمح المزروع بعد عدد من المحاصيل البقولية ضمن دورات زراعية ثنائية هي:  قمح/قمح W/W.  قمح/عدس W/L.  قمح/بيقية وتزرع لثلاثة أغراض:
– إنتاج البذار W/V seed.
– إنتاج الدريس W/V hay.
– رعي الأغنام W/V grazing.  قمح/بور W/F.  قمح/نفل W/M بحمولة رعوية عالية (12 رأس/هكتار).
كما تضمن دراسة إنتاجية الأغنام التي ترعى النفل والبيقية من اللحم والحليب والصوف، وتأثير التسميد الآزوتي على إنتاجية القمح في الدورة الزراعية، وتقويم العائد الاقتصادي للدورات الزراعية.
صممت التجربة بطريقة القطع المنشقة Split Plot Design بثلاثة مكررات، خصصت القطع الرئيسية للدورات الزراعية، والقطع المنشقة للتسميد الآزوتي. تكون كل مكرر من قسمين:  قسم يزرع بالقمح بالكامل (Phase1) ويجزأ إلى جزأين حيث يضاف السماد الآزوتي للجزء الأول ويترك الجزء الآخر دون تسميد لمقارنة تأثير التسميد مع ما تضيفه البقوليات من الآزوت للتربة، وبالتالي معرفة الاستجابة للتسميد الآزوتي، وتأثير زراعة البقوليات على ارتفاع نسبة الآزوت في التربة وإمكانية الاستغناء عن التسميد الكيميائي.  قسم يزرع بمحاصيل الدورات (Phase 2).   ويتم تبادل الزراعات ما بين هذين القسمين في الموسم التالي.  شملت المادة التجريبية صنف شام3 من القمح القاسي Triticum durum الذي يتميز بتحمله للجفاف والإنتاجية العالية والنوعية التكنولوجية المناسبة، وصنف العدس المحلي صغير الحبة  Lens culinaris ، والبيقية المزروعة المحلية Vicia sativa ، وخليط من أنواع النفل بالنسب التالية: 68% Medicago rigidula و8.5% M. rotata و7.5% M. noeana و16% M. polymorpha. لقح بذار النفل بسلالة WSM244 من بكتريا Rhizobium قبل الزراعة في مخبر الأحياء الدقيقة في ايكاردا.  اعتمد معدل البذار 120 كغ/هـ لمحصول القمح و 30 كغ/هـ لمحصول النفل و 100 كغ/هـ لمحصول العدس و130 كغ/هـ لمحصول البيقية.  أظهرت النتائج تباين إنتاجية المحصول الرئيسي ( القمح) والمحاصيل الثانوية (عدس، بيقية، نفل) من موسم لآخر تبعاً لكميات الهطول المطري خلال الدورات الزمنية المدروسة، وتميزت الدورة الزمنية الثالثة (1999-2000) بتدني الهطول المطري مما أثر على المؤشرات المدروسة كافة.
وتفوقت جميع الدورات في الغلة الحيوية، والحبية، وغلة القش على الزراعة   المستمرة للقمح سواء كان مسمداً أو غير مسمد. كما تفوقت دورات قمح/بيقية (بمختلف أغراضها) وقمح/عدس من حيث عائدها الاقتصادي على دورات قمح/بور وقمح/قمح وقمح/نفل. وتفاوت تأثير التسميد الآزوتي في الغلة الحيوية وغلة الحبوب والقش للقمح، وارتبط ذلك بتذبذب الهطول المطري عبر السنوات المختلفة، وأدى هذا التسميد إلى زيادة المؤشرات المدروسة في السنوات المطيرة في حين لم يكن تأثيره واضحاً في السنوات الجافة.
وبشكل عام بينت الدراسة الاقتصادية لنتائج البحث عدم جدوى التسميد الآزوتي للقمح في دورات قمح/بيقية (بمختلف أغراضها) وقمح/عدس. كما تفوقت جميع الدورات الزراعية في محتوى التربة من الآزوت والمادة العضوية على دورة قمح/بور، واحتلت دورة قمح/بيقية (دريس) المرتبة الأولى من حيث محتوى التربة من الآزوت والفوسفور والمادة العضوية.  واعتماداً على النتائج السابقة يمكننا أن نوصي بما يلي:  إحلال الدورة الزراعية قمح/بيقية (بمختلف أغراضها) ودورة قمح/عدس بدلاً من الزراعة المستمرة للقمح أو دورة قمح/بور في منطقة الدراسة لغلتها العالية ومحافظتها على خصوبة التربة ومردودها الاقتصادي  المؤكد.  تحقيق تكامل الإنتاج النباتي مع الإنتاج الحيواني في منطقة الاستقرار الأولى باتباع النظام الزراعي قمح/بقوليات علفية كنظام متعدد الأغراض.  إجراء التسميد الآزوتي للقمح بناءً على التحليل المسبق للتربة مع التأكيد على إمكانية الاستغناء عنه في دورات قمح/بيقية (بمختلف أغراضها) وقمح/عدس.  دراسة أنظمة زراعية أخرى وفي مناطق بيئية مختلفة من القطر بهدف تحديد النظام الملائم لكل منطقة بيئية.