دراسة تصنيفية لأنواع الفصيلة السـحلبية وتحديد بيئتها الذاتيـة في شمال غرب سوريا

الطالب :يحيى قمري/ هيئة البحوث العلمية الزراعية بحلب – مركز بحوث حلب
جامعة حلب- كلية الزراعة
2007

الملخص

 تنتشر في الجزء الغربي من القطر العربي السوري عشرات الأنواع البرية التابعة للفصيلة السحلبية، لكن العديد منها غدا نادراً أو مهدداً بالانقراض. ونظراً لما تتمتع به هذه الفصيلة من الأهمية الاقتصادية عالمياً، ولكونها لا تلقى اهتماماً محلياً فقد هدف البحث أساساً إلى دراسة أنواعها المنتشرة شمال غرب سورية (حلب، إدلب، اللاذقية) من الناحية التصنيفية والبيئة الذاتية، كخطوة أولى لاستئناسها.
أجريت دراسة جغرافية تم من خلالها إجراء مسح شامل لمنطقة البحث عبر شبكة من محاور الطرق شملت جميع مناطق انتشار الفصيلة السحلبية التي ذكرتها الفلورات والدراسات المحلية، وكذلك كافة الغابات الطبيعية ومواقع التحريج الصناعي والمراعي وأطراف الحقول الزراعية وجوانب الطرق.
أمكن بنتيجة الحصر التعرف إلى 28 نوعاً وتحت نوعين و4 أصناف توزعت ضمن 10 أجناس، وتسجيل جنس جديد في القطر لم يذكر في جميع الفلورات وهو Spiranthe، إضافة لتسجيل نوعين جديدين أيضاً وهما Ophrys  ferrum – equinum  وOphrys dinsmorei. وسجلت ثلاثة أنواع جديدة في منطقة البحث ذكرتها الفلورات في مواقع أخرى من القطر وهي Ophrys scolopax  ـ  Orchis iberica ـ Orchis sancta. كما سجلت أجناس جديدة وأنواع ووحدات تحت نوعية متعددة ضمن محافظات منطقة البحث، وإضافة الكثير مـن المواقع لعدد من الوحدات التصنيفية المسـجلة مع تحديد ندرة الجنس Anacamptis والأنـواع  Orchis  romana ـ   Orchis simia  ـ Ophrys apifera
أما الدراسة البيئية فقد هدفت إلى تحديد البيئة الذاتية لأنواع الفصيلة السحلبية حيث تبين أن نطاق ارتفاع مواقع الانتشار عن سطح البحر امتد من 100 حتى 1400م تقريباً. وتجلى أثر الانحدار فقط بغنى المعارض الشمالية مقارنة مع المعارض الأخرى، وكان للتظليل أثر بالغ في انتشار الأنواع مما يفسر ظهور العديد منها في مواقع التحريج الصناعي واندثار ما كان سائداً منها في المواقع التي زال غطاؤها النباتي.
واعتماداً على المعادلة المطرية الحرارية للعالم Emberger  تبين أن محطات انتشار الفصيلة السحلبية تقع في نطاق يمتد من الطابق البيومناخي الرطب (الحار والمعتدل والعذب) إلى نصف الجاف (المعتدل والعذب). باستثناء محطة حلب الواقعة على حدود قريبة جداً من الطابق البيومناخي نصف الجاف.
أظهر التحليل الكيميائي أن ترب مناطق الانتشار كانت قلوية خفيفة، غنية بالمادة العضوية، غير متملحة أو ضعيفة الملوحة، وتدرجت من الكلسية الضعيفة إلى الكلسية العالية مروراً بالكلسية القليلة والمتوسطة، ويعتبر انتشار بعض الأنواع في فئات التربة السابقة مؤشراً على مطاطية تحمل كربونات الكالسيوم عند الفصيلة السحلبية. وكان قوام الترب مائلاً للطيني. والدبال من نوع المول الكلسي والمول الحامضي و مور في موقع واحد. وتميزت جميع الترب بسيادة كاتيونات الكالسيوم والمغنزيوم على الصوديوم والبوتاسيوم، وتباينت نسبة Mg/Ca بين مختلف المواقع.  وبدراسة أثر نقل النبات من موطنه الأصلي تبين أن جميع الأنواع ذات الجذور الدرنية تابعت نموها بشكل طبيعي ووصلت إلى مرحلة الإزهار والإثمار، كما تمكنت من التجديد في الموسم التالي، أما الأنواع التي كانت جذورها على شكل جذامير فقد تأثرت كثيراً بعملية النقل، ولم يتمكن معظمها من متابعة دورة حياته.  نفذت الدراسة التصنيفية على مستوى التوصيف الشكلي بدراسة الخصائص الشكلية للعينات المجموعة بمختلف أجزائها وفـي مراحل النمو كافة. وثقت النتائج بعد مقارنتها مـع جميع الفلورات المحليـة، وفلورات الدول المجاورة. واعتمدت فلورا ((Mouterde, 1966 كمرجع أول للوصف والتسمية كونها الفلورا المحلية الأكثر حداثة ودقة، كما اعتمدت الفلورات الأخرى في بعض الحالات، إضافة للإطلاع على عينات معشبة H. Pabot  ـ خبير منظمة FAO ـ المتوفرة لدى قسم الأصول الوراثية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية. وتمت أيضاً مراسلة متحف التاريخ الطبيعي في (Kew) ببريطانيا للحصول على آخر المسميات العلمية المعتمدة عالمياً لأنواع الفصيلة السحلبية، ومطالعة مئات مواقع الانترنت العلمية المتخصصة. وأمكن بنتيجة هذه الدراسة وضع مفتاح تصنيفي لجميع الأجناس التي تم حصرها في منطقة البحث، إضافة إلى مفاتيح تصنيفية للأنواع والوحدات تحت النوعية ضمن هذه الأجناس، مع  ذكر جميع  الأسماء المرادفة لكافة الوحدات التصنيفية المسجلة في منطقة الدراسة والتوصيف الشكلي الدقيق لها وتوثيقها بالتصوير الفوتوغرافي الدقيق.  أجري التصنيف على المستوى الجزيئي لـ34 عينة مثَّلت 28 وحدة تصنيفية بطريقتيISSRs  وCAPS .
وأظهرت دراسة القرابة الوراثية بين كافة الأجناس المسجلة تجمع أنواع الجنس Ophrys كافة في عنقود منفرد. وتتوافق هذه النتيجة مع التصنيف المورفولوجي حيث اشتركت هذه الأنواع بجملة من الصفات الظاهرية التي ميزتها عن أنواع الأجناس الأخرى. كما تجمعت باقي الأجناس في عنقود منفصل مع ابتعاد الجنس Limodorum والممثل بالنوع L. Abortivum فقط مما يتطابق مع الوصف المورفولوجي له. وتقارب الجنسان Epipactis  و Cephalanthera بالبصمة الوراثية لهما جداً مما يتطابق أيضاً مع درجة قرابتهما مورفولوجياً حيث يختلفان عن الأجناس الأخرى (عدا Limodorum )، وتميز الجنس Spiranthes بأنه بعيد وراثياً عن بقية الأجناس وتؤكد ذلك الصفات التي يمتاز بها، في حين تقاربت الأجناس Himantoglossum, Orchis, Anacamptis وراثياً، وهذا يتطابق مع المواصفات المورفولوجية لها.
أما على مستوى الأنواع والوحدات تحت النوعية فقد أظهرت مقارنة نتائج اختبار ISSRs مع التصنيف المورفولوجي تجمع أنواع الجنس Ophrys في عنقود واحد منفصل أيضاً مما يتطابق مع تميزها مورفولوجياً عن باقي أنواع الفصيلة. كما تجمعت خمس عينات من مواقع مختلفة وتمثل النوعين O. Bornmuelleri و O. Fuciflora في عنقود واحد. واختلف الصنف O. Attica var. Orientalis عن بقية الأنواع المدروسة والمتجمعة في عنقود O. Attica، مما يجعلنا نتبنى القناعة الحديثة في Kew بأن هذه الوحدة التصنيفية مستقلة عن النوع السابق وأن تسميتها الجديدة Ophrys umbilicata هي الأكثر دقـة. كما سجلت قرابة وراثية كبيرة بين النوعين O. Argolica و O. Sintenesii، وبين النوع O. Ferrum-equinum والنوعين sintenesii O. و O. Argolica وبما يتوافق مع التشابه المورفولوجي الكبير بينها، إضافة لقرابة النوعين O. Fusca  و O. Lutea من بعضهما وراثياً وابتعادهما عن بقية الأنواع.