دور المرأة في الاقتصاد المنزلي في محافظة درعا

الطالبة :سجا طه الزعبي   الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية – إدارة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية
جامعة حلب – كلية الزراعة
2010

الملخص

تؤدي المرأة في الريف السوري، شأنها شأن النساء في العالم، أدواراً متعددة إنجابية واجتماعية وإنتاجية، فالنساء في الريف السوري يشكلن نصف الموارد البشرية، بالإضافة إلى دورهن في تكوين شخصية الأطفال، أي دورهن في تنمية الموارد البشرية الصغيرة. وبالرغم من مساهمات النساء الكبيرة في تحقيق الأمن الغذائي والأدوار المتعددة في الزراعة في كامل السلسلة الممتدة من بدء البذار إلى عمليات مابعد الحصاد، واستخدام الموارد الطبيعية والحفاظ عليها، وتصنيع الأغذية وتربية الحيوانات، إلا أن هذا لايعد إلا امتداداً لنظام الخدمة الذي تقوم به المرأة في المنزل، فالمرأة في الريف إلى الآن لاتعي إلا ماندر من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، كما أن إمكانيتها بالحصول على الموارد والفوائد وقدرتها على التصرف فيها تبقى محدودة ومقيدة، من هنا نبعت أهمية علم الاقتصاد المنزلي والذي يعنى بكافة أمور الأسرة للوصول بها إلى أرقى المستويات مبيناً دور كل فرد من أفرادها للنهوض بأسرته.
مشكلة وأهمية البحث:  إن الأدوار النوعية التقليدية للمرأة فرضت وجود فجوات نوعية بينها وبين الرجل فيما يتعلق بالاقتصاد والتعليم واتخاذ القرارات والصحة وصولاً إلى الخدمات، من هنا كان هناك حاجة لتقصي دور المرأة في الاقتصاد المنزلي، ودفعها إلى مواقع إنتاج رئيسية وتمكينها من الحصول على الموارد والخدمات والتدريب وغيرها، من منطلق أن الاقتصاد المنزلي علم يختص بدراسة الأسرة ومقوماتها على كافة الصعد، وبالتالي التوصل لتحقيق حياة أسرية أفضل يسودها الأمن والاطمئنان، وذلك لتدني مستوى الأسرة الريفية اقتصادياَ واجتماعياَ، وحاجتها الماسة للمساعدة والإرشاد في مختلف المجالات من حيث إدارة المنزل، وزيادة وتعميق الفهم في مجال القيام بالنشاطات المختلفة بيسر وسهولة، وتنظيم وإدارة الوقت، والسبل الكفيلة بتحسين المنزل ونظافته والعناية بمحتوياته، والعناية بالأم وأطفالها، والغذاء والتغذية وكيفية حفظ الطعام وإدارة الدخل بأشكاله، وميزانية الأسرة، وكيفية تحسين دخل الأسرة من خلال مجالات عدة منها الصناعات اليدوية، وتربية الحيوان بهدف الانتفاع منه غذائياَ واقتصادياِ والاستفادة من جميع الخدمات الاجتماعية (مراكز الطفولة والأمومة– المراكز الثقافية والاجتماعية والوحدات الإرشادية.)، وغيرها والاهتمام بالثقافة والنظافة وحماية البيئة. إذ أن أحد أهم الأسباب التي استدعت إجراء البحث هو تهميش دور المرأة في كافة مجالات الاقتصاد المنزلي، وهذه المشكلة لا تخص المرأة وحدها إنما هي قضية مركزية في مسألة التطور والتنمية الحقيقية ولذلك فهي قضية اجتماعية أساسية، من هنا كانت هناك ضرورة للمشاركة ببحثها ودراستها وطرح الحلول لها.
بناء على ما سبق من عرض وتحديد للمشكلة (تهميش دور المرأة في الاقتصاد المنزلي) فقد تحدد الهدف العام للبحث في دراسة دور المرأة في الاقتصاد المنزلي، وأهم العوامل المؤثرة على هذا الدور في ريف محافظة درعا.
أهداف البحث: وتم تحقيق الهدف العام للبحث (دراسة دور المرأة في الاقتصاد المنزلي وأهم العوامل المؤثرة في هذا الدور في ريف محافظة درعا) من خلال تحقيق الأهداف الفرعية التالية:
1- دراسة دور المرأة في المجال الاقتصادي.   – صناعات غذائية (مربيات، مخللات، ألبان وأجبان،…)   – صناعات يدوية ( غزل ونسيج”ملابس وغيرها”، مكانس،..)   – الزراعة بشقيها (نباتي وحيواني)
2- التعرف على دور المرأة في المجالات التالية:التعليمي، والصحي، والبيئي، والاجتماعي.
3- تحديد دور المرأة الريفية في إدارة المنزل.
4- دراسة العوامل المؤثرة في دور المرأة في كل المجالات السابقة وعلى دورها في الاقتصاد المنزلي في منطقة الدراسة.
5- التوصل إلى نتائج تساعد صانعي السياسـات في وضع خطط وبرامج ومشروعات لدعم دور المرأة ورفع مستواها في شتى المجالات.
منهجية البحث:  ولتحقيق هدف البحث تم تصميم استمارة استبيان تتناسب و الهدف، وتم اختبارها، ومن ثم تم تحديد حجم العينة ﺒ (150) مبحوثة تم سحبها عشوائياً، وجمعت البيانات بطريقة المقابلة الشخصية باستخدام الاستمارة.
جمعت بيانات الاستمارة في الربع الأول والثاني من عام 2009، وتم استخدام التحليلات الإحصائية التالية: المتوسط الحسابي، المدى، النسب المئوية، معامل الارتباط بيرسون، الارتباط المتعدد، واختبرت معنوية هذه القياسات إحصائياً عند المستويين “0.01”و”0.05″.  وقد تعرضت الدراسة ضمن الإطار النظري والاستعراض المرجعي إلى مفهوم الاقتصاد المنزلي وماهيته، تعريف الاقتصاد المنزلي، أهدافه، التكامل بين الاقتصاد المنزلي وعملية التنمية، كما تم التطرق لأهم مجالات الاقتصاد المنزلي (التغذية، المسكن، رعاية الأمومة والطفولة اقتصاديات الأسرة وإدارة المنزل) تم التوسع في مجال إدارة الأسرة لأهميته والإجحاف بحق دور المرأة فيه، حيث تم التفصيل بآلية العملية الإدارية ومن ثم إدارة موارد الأسرة وإدارة المنزل واتخاذ القرارات.
تم الحديث عن دورالمرأة في الاقتصاد المنزلي في المجال الاقتصادي (الزراعي بشقيه والصناعي)، المجال التعليمي، المجال الصحي والبيئي، المجال الاجتماعي، المجال الإداري (إدارة المنزل واتخاذ القرارت) كما حددت معوقات عمل المرأة وتعليم الأولاد ومعوقات مشاركة المرأة في الإدارة.
الدراسة التحليلية والنتائج:  وفي إطار الدراسة الميدانية والتحليليلة لدور المرأة الريفية، تم تحديد الفروض البحثية، والمجالات البحثية الثلاث، وأقسام استمارة الاستبيان، والتحويل الرقمي لبيانات الاستمارة، وعينة البحث.ومن ثم تم وصف عينة البحث (المتغيرات المستقلة، المتغيرات الوصفية، المتغيرات التابعة وتم بعد ذلك استعراض نتائج البحث ومناقشة كل نتيجة على حدة كان من أبرز النتائج التي أظهرتها الدراسة، العوامل المؤثرة في المتغيرات التابعة التالية:   حيث أظهرت النتائج الآتي:       1- المتغير التابع لدور المرأة في مجال نشاط الإنتاج النباتي حيث تبين مايلي:   – وجود ارتباط إيجابي مع عمر المبحوثة: حيث وجد أنه كلما زادت أعمار المبحوثات إلى حد معين، كلما زادت مساهمتهن في النشاط الزراعي النباتي.   – وجود ارتباط سلبي مع المستوى التعليمي: تبين أن المتعلمات يترفعن عن العمل بالنشاط الزراعي النباتي.   – وجود ارتباط إيجابي مع عدد الأولاد: حيث أن زيادة عدد الأولاد تدفع المبحوثة إلى البحث عن مصادر إضافية للدخل، ويعد هذا المجال إحدى مصادر الدخل المتوفرة في الريف.
2- المتغير التابع لدور المرأة في مجال نشاط الإنتاج الحيواني.   – وجود ارتباط ايجابي مع عمر المبحوثة: حيث وجد أن المبحوثات كلما زادت أعمارهن إلى حد معين كلمازادت مساهمتهن في النشاط الزراعي الحيواني.   – وجود ارتباط سلبي مع المستوى التعليمي: تبين أن المتعلمات يترفعن عن العمل بالنشاط الزراعي الحيواني.   – وجود ارتباط ايجابي مع المهنة، وتم تفسير هذه النتيجة على ضوء نتائج التحليل الإحصائي الوصفي، حيث تبين أن معظم العاملات في النشاط الزراعي يعملن في مجال نشاط الإنتاج الحيواني، وهو ما عكس إيجابية العلاقة بين المهنة وبين دور المبحوثة في مجال النشاط الزراعي الحيواني.   – وجود ارتباط إيجابي مع عدد الأولاد، حيث أن زيادة عدد الأولاد تدفع المبحوثة إلى البحث عن مصادر إضافية للدخل ويعد هذا المجال من أهم مصادر الدخل في الريف، وأسرعها انعكاساً على الأسرة.   – وجود ارتباط سلبي مع وجود زوجة أخرى، حيث أن المبحوثة في حال وجود زوجة أخرى تسعى لإراحة نفسها من العمل ملقية بذلك أعباء العمل على كاهل الزوجة الأخرى إنطلاقاً من الشعور بالأنانية وتغليب المزاج السلبي على العقلانية والواقعية، إلا في حال كانت الحيوانات خاصة بها والدخل بالكامل لها.   – وجود ارتباط سلبي مع نوع الأسرة، حيث يلاحظ في الأسر غير البسيطة أن الحيوانات تعود للأهل، والأبناء لا يستفيدون منها إلا للاستهلاك الشخصي، لذلك يلا حظ أن زوجات الأبناء( المبحوثات ) يمتنعن عن العمل في مجال الإنتاج الحيواني إلا نادراً، بعكس الأسر البسيطة حيث تكون المبحوثة مسؤولة بشكل كامل تقريباً عن الإنتاج الحيواني حتى ولو كان للاستهلاك الشخصي فقط.
3- المتغير التابع لدور المرأة في الاقتصاد المنزلي  تم حصر العوامل المؤثرة بمايلي:   – وجود ارتباط إيجابي مع الدخل، لأنه يؤثر في أغلب الأدوار التي يتكون منها دور المرأة في الاقتصاد المنزلي(المجال التعليمي، والمجال الصحي والبيئي، والمجال الإداري).   – وجود ارتباط إيجابي مع المستوى التعليمي للمبحوثة، لما للتعليم من أثر ودور كبير في كافة مجالات الاقتصاد المنزلي تقريباً   – وجود ارتباط إيجابي مع وجود زوجة أخرى، حيث أن وجود زوجة أخرى قد يعكس تصرفات الزوجة بشكل سلبي أو إيجابي، فقد تتصرف الزوجات بشكل إيجابي وبناء، وتمارس دورها في إدارة موارد المنزل لإثبات ذاتها، والظهور بمظهر الزوجة الحريصة البنّاءة، وقد يكون عكس ذلك، فقد تدفعها الغيرة والبغضاء إلى تبديد الموارد المنزلية بحيث لا تبقي شيئاً لضرتها، ونتيجة هذه الدراسة غلب فيها الدور الإيجابي البنّاء، الذي يجعل الزوجة ذات دور إيجابي في إدارة موارد المنزل وخاصة الاقتصادية منها، وقد يكون ذلك بدافع التقرب من الزوج، أو قد يكون سببه قلة هذه الموارد بع أن انقسمت بينها وبين ضرتها.   كما كشفت الدراسة عن مجموعة من المعوقات – حسب رأي المبحوثات- التي تحول دون المشاركة الفعالة لهن في مجالات الاقتصاد المنزلي في ريف محافظة درعا يمكن إجمالها فيمايلي:   –    المعوقات التي تحول دون تعليم الأولاد  تبين من خلال الدراسة، ومن خلال معرفة الوزن النسبي، أن أهم المعوقات التي تحول دون متابعة الأم لدورها في تعليم الأولاد من وجهة نظرهن هي: ضعف القدرة المادية، عدم رغبة الأولاد، الزواج المبكر.   – المعوقات التي تحول دون عمل المرأة خارج المنزل:   دلت الدراسة أن أهم المعوقات التي تحول دون عمل المرأة خارج المنزل بحسب رأي المبحوثات هي: رفض الزوج لعمل المرأة، أنها مسؤولة عن تربية أطفالها وعملها يمنعها من التفرغ للاهتمام بالأسرة، يليه سيطرة العادات والتقاليد على المجتمع الريفي ورفضه لعمل المرأة معتبراً أن العمل خارج المنزل هو من مهمة الرجل، وأن خروج المرأة من المنزل عيب لها.   – المعوقات التي تحول دون المشاركة الفعالة للمبحوثات في المجال الإداري:   دلت الدراسة أن أهم المعوقات التي تحول دون مشاركة المرأة في المجال الإداري بحسب رأي المبحوثات هي: سيطرة العادات والتقاليد على المجتمع الريفي التي ترى أن الإدارة حكراً على الرجل وهذا مرتبط بكون المجتمع الريفي مجتمع ذكوري، ومن المعوقات المنتشرة أيضاً ضعف التحصيل العلمي للمبحوثة.